المقدمة:    Introduction

يعد العنف شكل من أشكال النشاط البشري، ويُنظر إليه على أنه ظاهرة سلبية وغير متوافقة تمامًا مع المعايير الأخلاقية المقبولة، وهو أحد الخصائص الرئيسية للمجتمع وله جذور عميقة في التاريخ. كما أن  العنف الأسري ظاهرة عالمية في جميع الدول سواء كانت غنية أو فقيرة، متقدمة أو نامية، بغض النظر عن الدين أو العرق أو لون البشرة.

والعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تنتشر بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم. حيث درست منظمة الصحة العالمية عام (2012) هذه الظاهرة باستخدام بيانات من أكثر من 24000 امرأة من 10 دول مختلفة وأشارت إلى أن العنف ضد المرأة يُمارس على نطاق واسع. كما أكد تقرير التنمية البشرية الصادر عن المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (2009) أن المرأة في العالم العربي تتعرض لأشكال مختلفة من العنف. في الأونة الأخيرة، أصبحت حوادث العنف ضد المرأة ظاهرة منتشرة بشكل متزايد في فلسطين، ربما بسبب تدهور الوضع الاقتصادي ومعدلات البطالة المتزايدة. على الرغم من أن  العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية، يبدو أن  هناك عددًا قليلاً جدًا من الدراسات التي تستند إلى  تحليل شامل للظاهرة للتحقيق في أسباب المشكلة. لذلك، من المفيد التحقيق في هذه الظاهرة من أجل اقتراح إجراءات تساعد على خفض معدلات انتشار هذه الظاهرة.

 موضوع هذه الدراسة هو كيفية نمذجة أشكال مختلفة من حوادث العنف ضد المرأة في فلسطين وكيفية التحقق من عوامل الخطر المرتبطة بها، من أجل المساعدة في صياغة برامج تساهم في التقليل من معدلات انتشار هذه الظاهرة.

 على الرغم من توفر العديد من مجموعات البيانات حول هذه الظاهرة، إلا أنه تم تحليل القليل منها باستخدام نموذج إحصائي يمكنه تصنيف أنواع، ومصادر حوادث العنف المختلفة، والتنبؤ بها أو تحديد أهم عوامل الخطر المرتبطة بالعنف ضد المرأة في فلسطين.

1. مشكلة بحث:

معظم الأوراق البحثية التي درست موضوع العنف ضد المرأة في فلسطين، تناولته من الجانب الوصفي فقط، ودون التعمق في التحليل باستخدام الأساليب الإحصائية وتسخير الإحصاء في الحصول على نتائج أكثر دقة وموضوعية في تحديد أهم أسباب المشكلة وعدم الاكتفاء بوصفها فقط.

2. هدف الدراسة

الهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو صياغة العلاقة بين المتغير التابع من جهة، ومتغير أو أكثر من المتغيرات المستقلة على شكل نموذج احصائي، أو بعبارة أخرى على صورة معادلة رياضية، نقوم من خلالها معرفة تأثير كل متغير من المتغيرات المستقلة في متغير الاستجابة، أو المتغير التابع. و أيضا التعرف على أهميته وافتراضاته ومزاياه التي يمكن استخدامها عندما يكون متغير الاستجابة فئويًا. حتى نستطيع تحديد أهم عوامل الخطر المرتبطة بأشكال مختلفة من العنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني. واستخلاص بعض الاستنتاجات التي يمكن أن  تُقلل من مستوى انتشار العنف ضد المرأة في فلسطين. لتحقيق هذا الهدف ، تم تحليل بيانات المسح التي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (PCBS)  عام (2019) وبناء نموذجًا إحصائيًا يمكنه تحديد عوامل الخطر المهمة المتعلقة بالعنف ضد المرأة في فلسطين.

3. النموذج الاحصائي: الانحدار اللوجستي متعدد الحدود:

ازداد في الفترة الأخيرة تطبيق النماذج الإحصائية في تحليل البيانات الوصفية، ولا سيما في مجالات البحوث الاجتماعية والاقتصادية والطبية وغيرها من المجالات، ويعد تحليل الانحدار اللوجستي أحد هذه النماذج الإحصائية التي تستخدم لوصف وتحليل تلك الظواهر، غير الخطية والتي يكون فيها المتغير التابع متغير وصفي يتكون من فئتين أو أكثر، كما يعتبر الانحدار اللوجستي أحد النماذج الإحصائية الواسعة الاستخدام، حيث يسهل هذا النموذج عملية تحليل بيانات الدراسات ذات الطابع الاجتماعي والتي عادةً ما يكون فيها المتغير التابع متغير وصفي، أو ترتيبي (اسمية أو رتبية)، إذ يعمل الانحدار اللوجستي على شرح العلاقة بين المتغير التابع المراد تفسيره والمتغيرات المستقلة، فإذا كان المتغير التابع يتكون من فئتين فقط، أو من احتمالين اثنين وهما احتمال وقوع الحدث من عدمه، بمعنى يأخذ القيمة(0،1)، فإن  النموذج في هذه الحالة يسمى الانحدار اللوجستي الثنائي، أما إذا  كان المتغير التابع يضم ثلاث فئات، أو أكثر فإن الانحدار اللوجستي متعدد الاستجابة يكون الأنسب، كما هو حال  الدراسة الحالية.

 ويُعرَّف الانحدار اللوجستي متعدد الاستجابة على أنه أسلوب إحصائي لفحص العلاقة بين المتغير التابع ذي المستوى الإسمي، ومتغير واحدٍ أو أكثر من المتغيرات المستقلة، بحيث تكون تلك المتغيرات المستقلة من أي نوع من مستويات القياس(cramer,2002).

بمعنى يُستخدم الانحدار اللوجستي متعدد الاستجابة للتنبؤ أو لاحتمال عضوية عنصر معين إلى  مجموعةٍ معينة بالاستناد إلى عدد من المتغيرات المستقلة. وهو امتداد بسيط للانحدار اللوجستي الثنائي، حيث يكون المتغير التابع يتكون من ثلاث فئات أو أكثر.

فإذا كانت لدينا مشاهدات مستقلة مع متغيرات تفسيرية أو توضيحية، وكان متغير الاستجابة يحتوي على عدد k من الفئات، لبناء نموذج انحدار لوجستي متعدد الاستجابات، يجب اعتبار إحدى الفئات على أنها المستوى الأساسي ويتم إنشاء جميع السجلات بالنسبة إليها. يمكن اعتبار أي فئة على أنها المستوى الأساسي، بمعنى يمكننا اعتبار الفئة j على أنها المستوى الأساسي، نظرًا لعدم وجود تحديد، فمن الواضح أن  أي فئة يمكن تصنيفها j.

نضع تشير إلى القيمة الاحتمالية للمشاهدة ()والتي تقع في الفئة (j^th) فيصبح  ،لإيجاد العلاقة بين هذا الاحتمال، والمتغيرات التوضيحية () ويمكن كتابة هذه العلاقة من خلال نموذج الانحدار اللوجستي المتعدد على النحو التالي:

Log  =  + +  + ...+   = x  ………… (1)

نأخذ e لطرفين (e هي عبارة عن الدالة الأسية)

 ==      …(2)

= 1, 2, …, ؛  = 1, 2, … , (k-1) ؛

ويمكن استخدام المعادلات السابقة لإيجاد كل مشاهدة من المشاهدات في أي فئة يمكن تصنيفها .

 = ………….(3)

 = …………..(4)

 = ……(5)

حيث y المتغير التابع (متغير فئوي) و () هي عبارة عن المتغيرات المستقلة وعددها K ،  معاملات النموذج   , ,  , ...+ 

4. افتراضات الانحدار اللوجستي متعدد الحدود.

أظهر العديد من الباحثين أن  هناك العديد من الافتراضات التي يجب أن  تتحقق عند تطبيق نموذج الانحدار اللوجستي الذي يعتمد على العناصر التالية: 1) لا يفترض الانحدار اللوجستي متعدد الحدود وجود علاقة خطية بين المتغيرات التابعة والمستقلة؛ 2) يجب أن يكون المتغير التابع أكثر من فئتين؛ 3) لا يلزم أن تكون المتغيرات  تتبع التوزيع الطبيعي2009) ، Schüppert). 4) يجب أن  تكون كل حالة أو مشاهدة عضواً في مجموعة واحدة فقط. 5) يحتاج الانحدار اللوجستي لعينات كبيرة، أكبر من العينات التي يحتاجها الانحدار الخطي لأن طريق التقدير للمعاملات (maximum likelihood coefficients) تحتاج إلى  حجم عينات كبيرة، ويفضل استخدام 50 مفردة فأكثر لكل متنبئ. (Kutner, 2004).

5. اختبار جودة ملاءمة نموذج الانحدار اللوجستي المتعدد:

تقيس جودة ملاءمة النموذج مدى جودة وصف النموذج لمتغير الاستجابة (التابع). يتضمن تقييم جودة الملاءمة التحقق من مدى قرب القيم التي تنبأ بها النموذج من القيم الحقيقة (المشاهدات). تعتمد إحصائية Hosmer -Lemshow لجودة الملاءمة أو المطابقة من خلال إنشاء 10 مجموعات مرتبة من الموضوعات، ثم مقارنة العدد الفعلي في كل مجموعة (مشاهدة) إلى  العدد الذي تنبأ به نموذج الانحدار اللوجستي (المتوقع). وبالتالي، فإن  إحصاء الاختبار هو عبارة عن إحصاء مربع كاي( chi-square) والذي يحدد مدى معنوية أو عدم معنوية هذه النتيجة، مما يشير إلى  أن  تنبؤ النموذج لا يختلف اختلافًا كبيرًا عن المشاهدة والذي بدورة يعطي نتيجة مؤكدة عن جودة النموذج، بمعنى إذا  كانت نتيجة هذا الاختبار غير معنوية بمعنى قيمة sig أكبر من مستوى المعنوية 0.05 فهذا يعني أن  النموذج جيد ولديه القدرة على التصنيف بين المجموعات (2000، Hosmer).

6. بعض المفاهيم المتعلقة بالانحدار اللوجستي:

• معامل الترجيح أو المفاضلة (Odds)

يستخدم معامل الترجيح odds لتبسيط عمل الانحدار اللوجستي وتسهيل فهم المعاملات حتى يمكن تفسيرها بشكل بسيط وسهل.

ويمكن تعريف معامل الترجيح Odds بأنه عبارة عن طريقة للتعبير عن مدى احتمال حدوث شيء ما مقارنه باحتمال عدم حدوثه، وغالباً ما يتم التعبير عنه على شكل نسبة بين عددين، ويمكن التعبير عنه كما في المعادلة الرياضية الأتية:

odds of {Event}=   ,    logit (y)=ln (odds)=ln() = α + βX   ,        

Odds: ويمثل معامل الترجيح لحدوث شيء ما

: احتمال حدوث ذلك الشيء

: احتمال عدم حدوث ذلك الشيء

كما هو معروف أن  معامل الترجيح Odds قد حل مشكله الحدود العليا للاحتمال بحيث أصبح معامل الترجيح Odds يأخذ أي قيمه من الصفر وحتى مالانهاية بدلا من  التي تأخذ أي قيمه من الصفر وحتى الواحد الصحيح(Pample,2000).

• نسبة الأرجحية Odds Ratio (OR)

 يتم استخدام مقياس  Odds Ratio والذي يسمى نسبة الأرجحية  في تحليل الانحدار اللوجستي، حيث يمكن تعريف نسبة الأرجحية (OR) على أنها نسبة احتمالات وقوع حدث في مجموعة واحدة إلى احتمالات حدوثه في مجموعة أخرى، (Odds Ratio) هو مقياس مقارنة بين اثنين من الاحتمالات المتعلقة بأحداث مختلفة. بالنسبة لحدثين A و B ، فإن الاحتمالات المقابلة لحدوث A بالنسبة إلى  حدوث B هي نسبة الأرجحية  وتكتب بالشكل التالي:

odds ratio {A vs.B}= =

ويمكن التعبير عن نسبه الأرجحية  الشكل التالي(EXP(B ويمكن كتابها أيضاً بالشكل التالي() حيث أن  e تساوي مقدار ثابت يساوي (2.72) و رفعنا هذا المقدار للقوة  (B) نحصل على نسبة الأرجحية  أو (Odds ration). على سبيل المثال إذا  كانت القيمة الموجودة لدينا (ميل الانحدار) = 0.75 فإن  نسبة الأرجحية  تقريباً سوف تساوي 2.12 ( لأن (Exp(0.75 = 2.12) . وهذا يعني أن  احتمال Y تساوي واحد صحيح هو ضعف (2.12) مرة عندما تزداد X مقدار وحدة واحدة، بمعنى إذا  زادت X بمقدار وحده واحده فإن  احتمال Y تساوي واحد صحيح سوف يزداد بمقدار (2.12) مرة، كما تشير نسبه الأرجحية  (OR=0.05) إلى  أن  احتمال Y=1 هو النصف عند زيادة X مقدار وحدة واحدة، في حين إذا  كانت نسبه الأرجحية  تساوي واحد صحيح فإن  ذلك يعني عدم وجود علاقه بين X و Y. (ِAbu Saada, 2013)

7. وصف البيانات :

يتناول هذا البحث تحليل أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني وذلك بالاعتماد على بيانات "مسح العنف الأسري في المجتمع الفلسطيني" لعام 2019 والذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. والهدف من هذا المسح هو دراسة جميع أشكال العنف في المجتمع الفلسطيني. تم الحصول على البيانات من خلال التواصل المباشر مع مسؤولي الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في محافظة رام الله لغرض البحث العلمي.

وسوف نستخدم في هذه الدراسة جزء من هذا المسح وهو القسم الخاص بالنساء المتزوجات حاليا أو سبق لهم الزواج الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة إلى 64 سنة في الأراضي الفلسطينية. بلغ حجم العينة 12942 اسره استجاب منهم للمسح 11545 أسرة،  7913)أسرة في الضفة الغربية، 3632 اسرة في قطاع غزة).

 البيانات التي سنستخدمها في هذه الدراسة هي بيانات العنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني من أحد مصادر هذا العنف هو الزوج، حيث أن الزوج هو المصدر الأساسي للعنف ضد المرأة في المجتمع الفلسطيني.

في هذه الدراسة المتغير التابع هو العنف من قبل الزوج  وهو يتكون من أربع فئات تمثل أنواعًا مختلفة من العنف وهي (لا يوجد عنف، العنف النفسي، العنف الجسدي، العنف الجنسي). كما لدينا العديد من المتغيرات المستقلة مثل منطقة السكن (الضفة الغربية، قطاع غزة)، نوع التجمع السكاني (حضري، ريف، مخيم) والوضع الاقتصادي...إلخ .

8. تحليل بيانات العنف ضد المرأة:

سوف نقوم في هذا الجزء بعرض بعض الاحصاءات الوصفية لأهم المتغيرات التي لها علاقة بالعنف ضد المرأة.

يوضح الجدول (1) أن47% من النساء لم يتعرضن لأي شكل من أشكال العنف من قبل الزوج، و هذا يعني أن 53% من النساء تعرضن لأحد أشكال العنف من قبل الزوج؛ حيث أن 35.2% تعرضن للعنف النفسي من قبل الزوج، و9.5% من النساء تعرضن لعنف جسدي، بينما 8.3% تعرضن للعنف الجنسي.

الشكل (1) يوضح النسب المذكورة أعلاه، حيث تشير هذه النتائج إلى  أن  العنف النفسي هو أبرز أنواع العنف السائد ضد المرأة من قبل الزوج في المجتمع الفلسطيني.

1.9 العلاقة بين العنف من قبل الزوج ومنطقة السكن (الضفة الغربية ، قطاع غزة).

من أجل مقارنة معدلات انتشار العنف ضد المرأة من قبل الزوج في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، نوضح توزيع حالات العنف في الجدول (2).

يوضح الجدول رقم (2) أن النساء في قطاع غزة يعانين أكثر من النساء في الضفة الغربية من كافة أشكال العنف. حيث يوضح الجدول أن (65.3%) من النساء في قطاع غزة يعانين من عنف الزوج مقابل (47.0%) في الضفة الغربية. علاوة على ذلك فإن (39.9%) من النساء في قطاع غزة تعانين من عنف نفسي مقابل (33.0%) في الضفة الغربية، (15.3%) من النساء في قطاع غزة يعانين من العنف الجسدي، مقابل (6.7%) في الضفة الغربية، كما يوضح الجدول السابق ايضاً أن، (10.1%) من النساء في قطاع غزة يعانين من العنف الجنسي. مقابل (7.4%) في الضفة الغربية.

وكذلك عند البحث في العلاقة بين العنف من قبل الزوج ونوع التجمع السكاني (حضر، قرية، مخيم).

وجدنا أن  النساء في المناطق الحضرية هن الاكثر معاناه من العنف النفسي بنسبة (36.1%)، ثم النساء في الريف بنسبة (34.3%)، و الاقل معناة من العنف النفسي هن النساء في المخيمات بنسبة (33.9%).

و فيما يتعلق بالعنف الجسدي نلاحظ أن  النساء في الريف هن الاقل معاناة من العنف الجسدي بنسبة (8.2%)، بشكل عام النساء في المناطق الريفية هن الأقل معاناة من جميع أشكال العنف، ثم النساء في المناطق الحضرية و اخيراً كانت النساء في المخيمات هنّ الاكثر معاناة من العنف من قبل الزوج.

وعند البحث في العلاقة بين العنف من قبل الزوج والفئة العمرية، وجدنا أن النساء اللاتي تتراوح اعمارهن ما بين( 18 إلى 25) هن الأكثر معناة من جميع أشكال العنف بنسبة (60.8%)،و تقل معاناة النساء من العنف كلما زاد عمر المرأة، بمعنى هناك علاقة عكسية بين العنف الذي تعاني منه المرأة و العمر.

وعند البحث عن العلاقة بين العنف من قِبل الزوج والعنف من قِبل الزوجة وجدنا أن  النساء اللاتي يمارسن العنف ضد أزواجهنّ يعانين من جميع أشكال العنف أكثر من النساء اللاتي لا يمارسنّ العنف ضد أزواجهن، حيث لاحظنا أن  87.1% من النساء اللاتي يمارسن العنف ضد أزواجهنّ يعانيين من العنف من قبل الزوج ، و 36.2% من النساء الذين لا يمارسن العنف ضد ازواجهم.

2.9 النموذج الإحصائي للعنف من قبل الزوج باستخدام نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود:

تم تحليل العنف ضد المرأة من قبل الزوج، وحيث أن المتغير التابع في هذه الدراسة متغير اسمي مكون من أربع فئات (لا للعنف، العنف النفسي، العنف الجسدي، العنف الجنسي). بالإضافة إلى أن هناك العديد من المتغيرات المستقلة التي لها تأثير على المتغير التابع. وتم بناء نموذج انحدار لوجستي متعدد الحدود لهذا المتغير التابع باستخدام المتغيرات المستقلة الأكثر ملاءمة والأكثر أهمية.

يوضح الجدول التالي أهم المتغيرات التي كان لها تأثير في نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود. كما يوضح الجدول أيضاً قيمة الأرجحية  العظمى ( (odds ratio وكذلك قيمة ال (p-value)

يوضح الجدول السابق أهم المتغيرات التي كان لها تأثير في نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود.

نلاحظ أن قيمة الأرجية تعتمد قيمة مرجعية للمقارنة بها، فكما نلاحظ في المتغير الأول أعطى القيمة للاستجابة (لا) بالمقارنة مع الاستجابة (نعم) وكانت القيمة تساوي(0.678)، وهذا يعني ان النساء اللاتي قلنً (لا) احتمال تعرضهنّ للعنف أقل، ولمعرفة احتمال من قلنّ (نعم) للعنف سوف نقوم بحسابه كما يلي (1÷0.678= 1.47) وهذا يعني أن احتمال تعرض النساء اللاتي قلنّ (نعم) في الإجابة عن هذا السؤال للعنف أكثر بمقدار مرة ونصف تقريباً، وبهذه الطريقة سوف نستعرض المتغيرات الهامة في النموذج.

 المتغير الأول: نلاحظ أن  نسبه الأرجحية  العظمى  للنساء اللواتي لا يعانين أزواجهنً من عدم استقرار في العمل بالمقارنة مع النساء اللاتي يعاني أزاوجهن من عدم استقرار في العمل تساوي 0.678، وهذا يعني أن  النساء اللاتي يعاني أزواجهن من عدم استقرار في العمل لديهن احتمال التعرض للعنف من قبل أزواجهنً بنسبه تقارب مرة ونصف أكثر أي (1÷0.678=1.47) مقارنه بالنساء اللاتي لا يعاني أزواجهن من عدم الاستقرار في العمل.

المتغير الثاني: المهم في النموذج وهو وجود مشاكل بين المرأة وزوجها خلال السنة الماضية، حيث كانت قيمه الأرجحية  العظمى للنساء اللواتي لا توجد مشاكل بينها وبينهنًّ أزواجهن تساوي 0.335 ، وهذا يعني أن  النساء اللاتي يعانين من مشاكل مع أزواجهن لديهنّ احتمال التعرض للعنف من قبل أزواجهنً بمقدار ثلاثة أضعاف أي (1÷0.335=2.9) بالمقارنة مع النساء اللاتي لا يعانيين من مشاكل مع أزواجهن.

المتغير الثالث في النموذج هو "أحد أفراد الأسرة قد تورط بمشاكل مجتمعيه يعاقب عليها القانون حيث كانت قيمه الأرجحية  العظمى للنساء اللواتي لم يتورط أحد أفراد أسرهنً بمشاكل مجتمعية يعاقب عليها القانون أو النساء اللاتي لم تنطبق عليهنً هذه الحالة هي على الترتيب 1.335 و1.38 وهذا يعني أن  النساء اللاتي لم يتعرضنّ أحد افراد أسرهنّ بمشاكل يعاقب عليها القانون من قبل الزوج بنسبه أعلى بقليل بالمقارنه بالنساء الأخريات التي تورط أحد افراد أُسرهنّ في مشاكل يعاقب عليها القانون.

المتغير الرابع المهم في النموذج هو "هل زوجك يغار عليكِ" حيث أوضح هذا المتغير أن النساء اللاتي لا يعانين من غيره الزوج كانت قيمه الأريحية العظمى لهنّ تساوي 0.568 بمعنى أن النساء اللاتي يعانين من الغيرة من قبل الزوج لديهن احتمال التعرض للعنف بمقدار الضعف تقريباً أي (1÷0.568=1.8) بالمقارنة مع النساء التي لا تعاني من مشكلة الغيرة من قبل الزوج.

المتغير الخامس المهم في النموذج وهو" هل يحاول زوجك أن  يحد من اتصالاتك مع أسرتك أو أصدقائك حيث كانت نسبة الأرجحية "بدرجة كبيرة" تساوي 1.194 و"بدرجه قليلاً" 0.99 "ولا مرة" 0.861 بمعنى أنه لا يوجد فروق كبيرة بين النساء اللواتي يحد أزواجهنّ من اتصالاتهنً مع الأسرة أو الأصدقاء وباقي النساء.

المتغير السادس: المهم في النموذج "هل زوجك يمنعك من المشاركة في المناسبات الاجتماعية" حيث كانت قيمة الأرجحية  للنساء اللواتي يمنعهنّ أزواجهنّ من المشاركة في المناسبات الاجتماعية بدرجة متوسطة بالمقارنة مع النساء اللاتي يمنعنَهنّ أزواجهن من المشاركة بدرجة كبيرة تساوي 0.493 وهذا يعني أن النساء اللاتي يمنعنًهنّ أزواجهن من المشاركة بدرجة كبيرة لديهن احتمال التعرض للعنف ضعف النساء اللاتي يمنعهن أزواجهم بدرجة متوسطة. لكن نلاحظ أنه لا يوجد فرق تقريباً بين النساء اللاتي يمنعهن أزاوجهم بدرجة كبير، وكل من النساء اللاتي يمنعهن ازاوجهم (قليلاً) أو (نادراً) ـ لكن النساء اللاتي يمنعهن أزواجهم من المشاركة بدرحة كبيرة لديهن احتمال التعرض للعنف ضعف النساء اللاتي لا يمنعهن أزواجهم من المشاركة في المناسبات الاجتماعية.

المتغير السابع في النموذج "هل زوجك يهملك ولا يهتم لأمرك؟" حيث كانت قيمة الأرجحية  للنساء اللواتي يعانينً بدرجه متوسطة من الاهمال من قبل الزوج بالمقارنة مع النساء اللاتي تعانينّ من الإهمال لدرجة كبيرة تساوي (1.840)، بمعنى أن  النساء اللاتي تعانينّ من الإهمال بدرجة متوسطة لديهن احتمال التعرض للعنف تقريبا ضعف النساء اللاتي يعانيين من الإهمال بشكل كبير، وكذلك النساء اللاتي يعانين من الإهمال بشكل قليل لديهن احتمال التعرض للعنف مرة ونصف أكثر من النساء اللاتي يعانين من الإهمال بشكل كبير، وأيضا النساء اللاتي يعانين من الإهمال (نادراً) لديهن احتمال للتعرض للعنف اكثر تقريباً مرة ونصف من النساء اللاتي يعانينّ من الإهمال بشكل كبير.

لكن لا يوجد فرق في احتمال التعرض للعنف بين النساء اللاتي تعانينّ من الإهمال بشكل كبير والنساء اللاتي لا تعاني من الإهمال.

المتغير الثامن المهم في النموذج "هل تملكين ادخاراً في البنك؟" حيث كانت نسبة الأرجحية العظمى للنساء اللاتي يمتلكن حسابات بنكيه بالشراكة بالمقارنة مع النساء اللاتي يمتلكن حساب ادخار في البنك  يساوي (2.002) وهذا يعني أن  النساء اللاتي تمتلكنّ حساب بنكي بالشراكة مع اخرين لديهنّ احتمال للتعرض العنف من قبل الزوج بمقدار الضعف مقارنة بالنساء اللاتي تمتلكن حساب ادخار في البنك، و كذلك الحال بالنسبة للنساء اللاتي لا تملك حساب ادخار في البنك .

المتغير التاسع في هذا النموذج وهو "نوع المسكن" حيث أظهر هذا المتغير أن النساء اللواتي يعشنً في دار معرضين للعنف من قبل الزوج بمقدار 1.267 مقارنة بمن يعشن في الفيلا، كما أنه يوجد فرق كبير بين النساء اللواتي يعشنً في شقة و النساء اللاتي يعشن في فيلا ، لكن النساء اللاتي يعشن في أماكن أخرى لديهن احتمال أقل (يقارب النصف ) للتعرض للعنف مقارنة مع النساء اللاتي يعشنً في فيلا.

المتغير العاشر والمهم في هذا النموذج هو "نوع التجمع" ويتكون هذا المتغير من ثلاثة خيارات وهي (مدينه- ريف- مخيم) حيث أنه  تقريباً لا يوجد فرق  في احتمال التعرض للعنف في المناطق الثلاثة (مدينة، ريف، مخيم) حيث كانت نسبة الأريحية العظمى 1.08 و1.03 على الترتيب.

المتغير الحادي عشر وهو المنطقة (الضفة الغربية، قطاع غزة) حيث كانت نسبة الأرجحية  العظمى للنساء اللاتي يقطن قطاع غزة بالمقارنة مع النساء اللاتي يقطن الضفة الغربية تساوي1.81 ، وهذا يعني أن  النساء اللواتي يقطن في قطاع غزه لديهن احتمال للتعرض للعنف من قبل الزوج بمقدار الضعف مقارنه بالنساء في الضفة الغربية.

المتغير الثاني عشر "الوضع الاقتصادي للأسرة" نلاحظ أنه لا يوجد فرق بين النساء ذات الوضع الاقتصادي (فقير) و الوضع الاقتصادي(متوسط) والوضع الاقتصادي (جيد) بالمقارنة مع النساء ذات الوضع الاقتصادي فقير جداً من حيث التعرض للعنف من قبل الزوج. لكن نلاحظ أن النساء ذات الوضع الاقتصادي (جيد جداً) و الوضع الاقتصادي (ممتاز) لديهن احتمال تقريبا النصف للتعرض للعنف من قبل الزوج مقارنة مع النساء ذات الوضع الاقتصادي فقير جداً.

المتغير الثالث عشر: المهم في النموذج وهو "العمر" حيث أظهرت قيمة الأرجحية  العظمى أنه لا يوجد فروق كبيرة بين النساء من مختلف الفئات العمرية فيما يتعلق بالتعرض للعنف من قبل الزوج ، عدا النساء في الفئة العمرية (58- 65) حيث كنّ الأقل احتمالاً للتعرض للعنف من باقي النساء في مختلف الفئات العمرية .

المتغير الرابع عشر: المهم في النموذج "العنف من الزوجة" حيث أظهر هذا المتغير أن  النساء اللاتي يمارسن العنف ضد أزواجهم لديهنّ احتمال للتعرض للضعنف من قبل الزوج سبعة أضعاف النساء اللاتي لا يمارسن العنف ضد ازواجهم، حيث كانت نسبه الأرجحية  العظمى تساوي 6.83.

3.9 بناء نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود (MLR).

 تقييم دقة نموذج الانحدار اللوجستي المتعدد الحدود باستخدام نتائج جدول التصنيف:

الجدول التالي يوضح نتائج التصنيف بالاستناد إلى  نموذج  الانحدار اللوجستي المتعدد النهائي .

يوضح الجدول (4) إلى أن النموذج يستطيع التصنيف والتنبؤ بشكل صحيح بالفئة الأولى وهي (لا يوجد عنف) بدقة تصل إلى(84.6%)، والفئة الثانية وهي (العنف النفسي) بدقة تصل إلى  (57.9%)، في حين الفئة الثالثة وهي(العنف الجسدي) بلغت نسبة الدقة لهذه الفئة (12.2%) ويمكن التصنيف والتنبؤ بالفئة الرابعة وهي(العنف الجنسي) بنسبة دقة تصل إلى (25.8%). يمكننا أن  نلاحظ من خلال الجدول السابق أن  التصنيف والتنبؤ للفئات الخاصة بالعنف الجسدي والعنف الجنسي صغيرة،  وذلك لأن العناصر في تلك الفئات  صغيرة جداً، حيث أن  نسبة النساء اللاتي يعانين من العنف الجسدي بلغت (9.5%) وكذلك نسبة النساء اللاتي يعانيين من العنف الجنسي بلغت(8.3%) وفقا للجدول رقم (1).

النموذج بشكل عام يستطيع التصنيف والتنبؤ بمختلف حالات العنف ضد المرأة من قبل الزوج بدقة إجمالية تبلغ (63.5%) وهذه نسبة جيدة كون أن المتغير التابع والذي مثل العنف ضد المرأة من قبل الزوج يتكون من أربع فئات.

4.9 تقييم دقة نموذج الانحدار اللوجستي المتعدد الحدود باستخدام منحنى ROC:

يوضح الشكل التالي منحنى  (ROC) للمتغير التابع ، وكذلك تم احتساب المساحة تحت المنحنى لتوضيح دقة التصنيف والتنبؤ لنموذج الانحدار اللوجستي المتعدد.

الشكل السابق يحتوي منحنى Roc   حيث نلاحظ من الشكل السابق أن المساحة تحت منحنى Roc تساوي 76.26% وهي نسبة جيدة و بذلك نستطيع القول أن  نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود جيد و يستطيع التصنيف و التنبؤ بحالات العنف ضد المرأة من قِبل الزوج بشكل جيد.

ويمكن اختبار مدى ملاءمة النموذج النهائي بشكل عام من خلال نتائج الاختبار الموضح في الجدول (5) أدناه. حيث يوضح هذا الجدول اختبار مربع كاي الخاص بجودة النموذج اللوجستي المتعدد الحدود، حيث أظهر ملاءمة كبيرة للبيانات حيث أن القيمة الاحتمالية لمعامل بيرسون لاختبار الملاءمة أقل من 0.05 وهذا دال إحصائياً بمعنى أن  النموذج جيد وملائم لتصنف البيانات من خلال احتوائه على عدد من المتغيرات المستقلة في النموذج.

كما أظهر التحليل أهمية جميع المتغيرات  المستقلة الداخلة في النموذج معتمدين في ذلك على اختبار مربع كاي(x²). حيث كانت جميع المتغيرات دالة إحصائياً بحيث كانت جميع القيم المعنوية (sig) الخاصة بالمتغيرات المستقلة أقل من 0.05 وهذا دال احصائياً أي أن  جميع المتغيرات المستقلة ذات أهمية كبيرة في بناء النموذج اللوجستي متعدد الحدود.

 ويوضح الجدول التالي قيمة معاملات النموذج اللوجستي متعدد الحدود والذي يعطي ثلاثة نماذج للتصنيف الخاصة بفئات المتغير التابع وهي(العنف النفسي، والعنف الجسدي، والعنف الجنسي).

وكما هو معلوم لدينا أن نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الحدود يأخذ الشكل التالي:

Pr(  = k-1) =   .

نلاحظ ان المتغير التابع الموجود لدينا وهو العنف ضد المرأة يتكون من أربع فئات، وبالتالي فان عدد النماذج سيكون ثلاثة نماذج (عدد فئات المتغير التابع -1)، وكما هو موضح في الجدول السابق موجود المعاملات لكل نموذج من النماذج الثلاثة.